تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

صفقة القرن

أجرى التلفزيون العربي مساء الأربعاء حديثا خاصا مع المفكر العربي عزمي بشارة تناول في جزئه الأول أبعاد وتداعيات الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي الذي أفضى إلى إعلان تطبيع العلاقات بين البلدين، ومدى إمكانية أن تلتحق دول عربية أخرى بهذا التوجه، في حين تطرّق اللقاء في جزئه الأخير إلى تداعيات انفجار مرفأ بيروت على النظام الطائفي في لبنان ومدى إمكانية تغيير هذا النظام مستقبلا.
يقدم الكتاب مقاربة نقدية جديدة لفهم حيثيات وتفاصيل صفقة القرن والتي سميت "صفقة ترامب - نتنياهو"، وفي محطات أخرى أطلق عليها المؤلف تسمية "الرؤية" لفهم أحداث القضية الفلسطينية بمجرياتها وتطوراتها والفاعلين فيها، مع تفصيل وتشريح لديناميكية الأحداث التي أدت إليها، وكيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟
الكتاب انطلق من التشخيص وتعيين المخاطر وشرح السياق الذي جاءت فيه خطة اليمين الأميركي الصهيوني مستندة إلى الخطط الأميركية التي سبقتها، وإلى ما أنجزه المشروع الصهيوني على الأرض، ليصل إلى طرح السؤال وتقديم إجابات حضرت في نص غني وكثيف، محتشد بأفكارٍ كثيرة تؤسس للنقاش الجدي المطلوب، على طريق وضع خطة مجابهة، وهو ما يبدو شاغلًا للدكتور بشارة، حيث يدعو من البداية إلى "بلورة خطة مواجهة تتضمن وضوحًا في الأهداف والوسائل"
يقدّم الكتاب، بفصوله الأربعة، تحليلاتٍ مكثّفة ومتوازية، عالجت تطوّر الموقف الأميركيّ من القضيّة الفلسطينية، وفككت المضمون الصهيوني لمبادرة الرئيس دونالد ترامب، وتتبعت تاريخًا طويلًا من استراتيجيات القيادة الفلسطينية المتعثرة والمكابرة في التعويل على الولايات المتحدة في سبيل الحصول على دولة. ولم يخلُ الكتاب، في فصلٍ مستقل، من تقديم خطوطٍ عريضةٍ لبرنامجٍ نضاليٍّ يفسح المجال لإنشاء مؤسسات سياسية بأفق جديد يتعامل مع الواقع المفروض على الأرض بوصفه واقع فصل عنصري (أبارتهايد)، لا بوصفه نضالًا من أجل فكرة الدولة.
في فصل "ما العمل؟" ما يستوفي شروط برنامج نضالي فلسطيني وعربي، ومع أن أن كاتبه يقدمه اليوم بمنهجيته كمفكر في السياسة والاجتماع والتاريخ بخلفية نضالية طويلة، إلا أنه يرتقي ليكون بمثابة بيان سياسي مؤسِّس، لم يصدر عن أي جهة أو فاعلين وشخصيات وطنية فلسطينية ما يشبهه، في مرحلة هي الأحلك في تاريخ القضية الفلسطينية من ناحية توسع نظام الفصل العنصري، وانفضاض المحيط الرسمي العربي عن القضية الفلسطينية، بل وتآمره عليها بالتحالف مع إسرائيل لا مجرد التطبيع معها.
ليست ما سُميت، افتراءً على التاريخ، وزعمًا على القرن، باسم صفقة القرن، إلّا محاولةً من أوساطٍ متطرّفة في اليمين الصهيوني المتغلغل حاليًا في الإدارة الأميركية لفرض المشكلة ذاتها بوصفها حلًّا.
Subscribe to صفقة القرن