تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
10 نوفمبر, 2005

خطورة عزمي بشارة‏!!‏

سلامة أحمد سلامة

يمثل عزمي بشارة المفكر والمناضل الفلسطيني الصلب‏,‏ شوكة في جنب اسرائيل لم تستطع انتزاعها علي مدي سنوات من الملاحقة لم تتوقف للايقاع به‏..‏.........

وحين أعلن بشارة استقالته من الكنسيت أثناء وجوده في القاهرة أخيرا‏,‏ فقد جاءت هذه الخطوة خاتمة لمسلسل طويل من التحريض والاتهامات الاسرائيلية ظلت تلاحقه خلال الشهرين الأخيرين تطالب بمحاكمته‏..‏ تآمرت فيها الصحافة الاسرائيلية وأجهزة الأمن الشاباك وقوي التطرف اليميني‏,‏ التي باتت تشعر بأن طروحات بشارة وأفكاره تمثل خطرا علي نقاء الفكر الصهيوني الذي يجعل من اسرائيل دولة لليهود فقط‏.‏ وذلك في وقت تثار داخلها مناقشات حول مصير عرب‏48‏ وحقوقهم في المواطنة‏..‏ ويثار خارجها في العالم العربي ضرورة الاعتراف بحق اللاجئين في العودة كجزء لايتجزأ من مبادرة السلام العربية‏.‏

يختلف عزمي بشارة عن غيره من المناضلين الفلسطينيين الذين زجت بهم اسرائيل في سجونها من أبناء الضفة وغزة مثل مروان البرغوثي في أن بشارة الذي انتخب عضوا في الكنسيت عن حزب التجمع أحد الأحزاب العربية داخل اسرائيل‏,‏ كان من بين الذين آمنوا بالمقاومة والصمود في الأرض والتمسك بحق المواطنة دون التخلي عن الهوية العربية‏,‏ علي أساس أن اسرائيل لكل من فيها طبقا لمباديء الديمقراطية التي تتباهي بها اسرائيل‏.‏

وقد لعب بشارة وحزبه دورا مهما وخاض معارك قانونية وبرلمانية كعضو في الكنسيت لأربع دورات متتالية ضد القوانين التي تضطهد العرب وتهدر حقوقهم وتعاملهم كطابور خامس‏.‏ وظلت أجهزة الأمن وجماعات اليمين الصهيونية تترصده لضربه وضرب طروحاته التي تهدم أسس الدولة اليهودية وديمقراطيتها المزعومة‏.‏ حتي انفجرت أخيرا في سلسلة من الاتهامات الخطيرة التي استغلت اتصالاته وزياراته للبنان وسوريا إبان الحرب علي لبنان بحجة أنه أعطي معلومات للعدو زمن الحرب وتعامل مع حزب الله‏.‏

واذا كانت المخابرات الاسرائيلية لم تستطع أن تنال منه في السابق بسبب دفاعه عن حقوق المواطنة للعرب الذين يمثلون خمس سكانها‏,‏ إلا أن المجتمع الاسرائيلي الذي تحول الي حثالات فاسدة من المستوطنين غابت عنه النخب القديمة من المهاجرين الأوروبيين‏,‏ أصبح يواجه مأزقا تاريخيا حول المستقبل في سياق ضغوط دولية وعربية لتسوية الصراع‏..‏ واسرائيل بالتخلص من عزمي بشارة تضع عرب اسرائيل في وضع الاختيار بين مصير مثل مصيره او ان يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية خاضعين لما تمليه الدولة العبرية عليهم من تفرقة عنصرية‏.‏

بعض التفسيرات تري أن اصرار حكومة اولمرت الضعيفة علي انهاء ظاهرة عزمي بشارة التي تقوض اسرائيل من الداخل‏,‏ تأتي متزامنة مع ظروف جديدة أسقطت فيها قمة الرياض كثيرا من المحرمات بعد أن انفتح الباب أمام ما توهمته اسرائيل بأنه موسم للتنازلات‏.‏ ولكن هذا لن يمنعه علي الأرجح بعد أن ترك مقعده في الكنسيت من مواصلة نضاله بأساليب أخري‏.‏ وقد يخاطر بالعودة  ليواجه جلاديه في محاكمة علنية تفضح حقيقة الديمقراطية في اسرائيل‏!‏