تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
18 مارس, 2002

هل حزب الله هو منظمة ارهابية؟ رأي الخبير الإسرائيلي زئيف معوز

اسم الخبير: البروفيسور زئيف معوز

أقدم هذا الرأي بدل شهادة في المحكمة. واصرح بهذا انه وفقاً لاحكام القانون الجنائي فيما يتعلق بشهادة مشفوعة بالقسم في المحكمة فأن حكم رأيي هذا، الممهود بتوقيعي، مثله مثل حكم شهادة مشفوعة بالقسم ادليت بها في المحكمة.

وفيما يلي تفاصيل دراستي وتجربتي المهنية:

الدراسة:
• اللقب الجامعي الاول(B.A): العلوم السياسية والعلاقات الولية، الجامعة العبرية في القدس، 1976.
• اللقب الجامعي الثاني(M.A): العلاقات الدولية، الجامعة العبرية في القدس، 1978.
• اللقب الجامعي الثالث(Ph.D): العلوم السياسية، جامعة ميشيغن في ان-اربور، الولايات المتحدة، 1981.

الوظائف:
• 1981-1982: بوست دكتوراة، جامعة كرنجي-ملون، بتسبورغ، الولايات المتحدة.
• 1982-1985: محاضر، قسم العلوم السياسية، جامعة حيفا.
• 1985-1989: بروفسور ضيف، جامعة نيويورك، الولايات المتحدة.
• 1989-1990: بروفسور عضو، قسم العلوم السياسية، جامعو حيفا.
• 1990-1994: بروفسور ثابت، قسم العلوم السياسية، جامعو حيفا.
• 1991-1994: رئيس قسم العلوم السياسية، جامعة حيفا.
• 1991-1994: مدير اكاديمي، برنامج اللقب الثاني في كلية الامن القومي، جامعة حيفا.
• 1994: بروفسور ثابت، قسم العلوم السياسية، جامعة تل-ابيب.
• 1994-1997: رئيس مركز يافيه للابحاث الاستراتيجية، جامعة تل-ابيب.
• 1997-1998: بروفسور وباحث ضيف، مركز بيكر للسياسة العامة وقسم العلوم السياسية، جامعة رايس، الولايات المتحدة.
• 2000-: رئيس كلية الحكم والسياسة، جامعة تل-ابيب.

منشورات:

الفت خمسة كتب باللغة الانجليزية في مجالات العلاقات الدولية في مواضيع الصراعات الدولية، الاستراتيجية، اتخاذ القرارات والمساومة الدولية.
حررت ثلاثة كتب بالانجليزية في مواضيع الشرق الاوسط والاستراتيجية، نشرت اكثر من 50 مقالة في مجلات وكتب علمية في المجالات السالفة(مرفق قائمة منشورات).

هل حزب الله هو منظمة ارهابية؟

زئيف معوز
8 اذار ‏2002‏

1. مسائل للتطرق الى موضوع ما هية منظمة حزب الله.
أ‌. تعريفات علمية لحرب العصابات والارهاب
ب‌. خصائص سلوكية وتنظيمية لمنظمات العصابات والارهاب: مقارنة.
ج.   أنماط سلوك حزب الله منذ انشائه.
د‌. في ضوء كل ذلك هل يمكن تعريف حزب الله بأنه منظمة ارهابية؟

2 .  تعريفات علمية لحرب العصابات والارهاب

التمييز بين منظمات مختلفة بمفاهيم حرب العصابات والارهاب ليس تمييزاً سياسياً. اي تعريف، من طرف عنصر سياسي، ان منظمة معينة هي منظمة ارهابية أو منظمة عصابات تحركه اعتبارات مصلحجية ولذا ليس في مقدرته أن يشكل قاعدة لبحث قضائي في طابع هذه المنظمة أو غيرها. ولا حاجة لتوسيع الحديث عن غياب تعريف مقبول للعصابات والارهاب في القضاء الدولي.  بناء على ذلك فانه في سبيل تحديد طابع منظمة معينة يتوجب علينا الاستعانة بالتعريفات العملية للمصطلحات الاساسية المتبعة في تعريف المنظمة.

يجدر القول ، بداية ، انه لا توجد تعريفات لحرب العصابات والارهاب مقبولة بصورة كونية على جمهرة العلماء المستغلين في الاستراتيجية أو في اوساط العناصر المهنية لاجهزة الأمن القومية والدولية سوية مع ذلك فان غياب تعريف مقبول لهذه المصطلحات لا يشير الى غياب اتفاق علمي حيال ماهية هذه المصطلحات ومصدرها والخصائص الاساسية لمنظمات مختلفة.  العكس هو الصحيح. وحسبما سأبين لاحقاً فأن التعريفات المركزية لهذه المصطلحات، التي تظهر في الادبيات العلمية، هي تمايزات مختلفة تشير الى سمات متشابهة للمصطلحات.

المصطلحات حرب العصابات وارهاب يختصان بوسيلتي قتال.  ولكون حرب العصابات هي شكل القتال الاكثر شيوعاُ في التاريخ البشري فان الادب العلمي حيال ما هية شكل القتال، انماط القتال، المبنى التنظيمي لمقاتلي الانصار والاسقاطات العسكرية والسياسية، هو ادب اشد تشعباُ بكثير من الادب حول الارهاب.   الادب الذي يتطرق الى الارهاب هو اكثر حداثة لان ظاهرة الارهاب في الحلبة الدولية هي ظاهرة حديثة.

أ‌. حرب العصابات:

نقطة الانطلاق للبحث في هذين المصطلحين هي المصدر اللغوي للكلمتين.  المصطلح حرب عصابات – حرب صغيرة- جرى صكه في سياق قتال بقايا الجيش الاسباني ضد جيش نابليون في السنوات 1808-1813 . في أعقاب دحر الجيش الاسباني النظامي على أيدي جيش نابليون تنظمت وحدات صغيرة من الجيش لمقاومة الاحتلال الفرنسي.  وبواسطة مجموعة متلاحقة من الهجمات المدبرة- اشبه بعمليات " ضرب وهرب" – ضد وحدات من الجيش الفرنسي استطاعوا أن يوفروا لاسبانيا قوة تعدادها أكثر من 300 الف شخص لقترة خمس سنوات، وبصورة غير مباشرة ساعدوا في الحاق الهزيمة بنابليون.

سوية مع ذلك فان الابحاث الاستراتيجية والتاريخية حول حر بالعصابات تشير الى نماذج عديدة ومختلفة لاستعمال شكل القتال هذا، تقريباً منذ فجر التاريخ.  ويذكر باحثون، مثل لكوير، يفتاح وغدعون وداود باعتبارهم مقاتلي عصابات من فترة التوراه.  كذلك يذكر لكوير أساليب القتال في المراحل الاولى من تمرد المكابيين ضد اليونانيين كما لو انها مستندة الى قتال حرب العصابات.  وفي سياق العصر القديم يذكرون تكتيكات التعطيل، التي اتل\بعها فابيوس من أكسيموس في الحرب ضد هانيبعل، باعتبارها حاملة لسمات حرب العصابات .  في العصر الحديث أصبحت حرب العصابات شكلاً مقبولاً للقتال، ولذا فإن البحث النظري والتاريخي حول خصائصها أصبح أكثر تجوهراً.

كبير المنظرين في الفكر العسكري الحديث، كارل فون كلاوزفيتش، افرد حيزاً هاماً لشكل القتال هذا في كتابه " عن الحرب"، وتطرق اليه باعتبارها شكل قتال دفاعي في اساسه، غايته أن يمنع عدد متفوق القوة من تحقيقه أهدافه بواسطة الحاق ضربات موضوعية متتالية بقواته، عبر الامتناع من الاتصال المباشر بين جيوش كبيرة، تكون فيه للعدو أفضلية . ومنذ كلاوزفيتش تطور أدب استراتيجي متشعب يعالج حرب العصابات وخصائصها.

ثمة تعريف مقبول لمصطلح حرب العصابات هو التالي :" شكل قتال مؤلف من مجموعة مواجهات مدبرة من قبل وحدات صغيرة ضد قوات مقلصة للخصم وضد أهداف عسكرية ورموز سيطرة وحكم. خصائص هذا الشكل نم القتال تشمل ما ياي:

أ‌. امتناع موجه عن مواجهات كبيرة.
ب‌. مبادرة تكتيكية.
ج‌. عدم التحاذي مع منطقة معروفة، رغم ان القتال يدور في منطقة اقليمية محددة.
د‌. تتابع عال في العمليات ( أحداث كثيرة تفصل بينها قترات زمنية قصيرة).
ه‌. الغايات الرئيسية هي عسكرية واقتصادية وسياسية.  مس مقلص نسبياً بالجماهير المدنية.
و‌. استعمال الجماهير المدنية، في حالات معينة، كمركب في القتال ( سواء بالدعم اللوجستي أو بواسطة التخويف) ولكن ليس كاسلوب.
ز‌. الغاية الرئيسية لحرب العصابات هي تاكل مقدرة القتال وارادة القتال لدى الخصم بواسطة الاستنزاغ المتواصل.
التعريف أعلاه يستند الى مجموعة التعريفات القائمة في الادبيات المتعلقة بحرب العصابات وهو يشدد على الخصائص المشتركة للتعريفات والتفاسير القائمة في ادبيات حرب العصابات وفي جوهر الامر فان الادب العلمي يرى حرب العصابات  باعتبارها شكل قتال عسكري بالاساس يجري خوضه- من جانب الطرف الذي يلتجىء اليه- بواسطة قوات ووسائل عسكرية، او شبه عسكرية، مقابل قوات عسكرية أو بوليسية تابعة للطرف الخصم.  التشديد المركزي في حرب الانصار هو على مهاجمة مؤسسات وقوات وعناصر ذات قدرة دفاع عسكرية، واصحاب صلة مباشرة مع مراكز أو رموز القوة والنفوذ لدى الخصم.

هنالك نمطان مركزيان لحرب العصابات:

1. قتال قوات محلية ضد محتل أجنبي أو قوة كولونيالية ليست جزءاً عضوياً من الجماهير المحتلة ( مثلاً، الثورة العربية في أثناء الحرب العالمية الاولى، الحرب الهندية – الصينية، حرب الجزائر، حرب لبنان)؟
2. قتال جماعات اثنية، قومية او سياسية ضد الحكم المركزي في دولة معينة، حيث يكون المقاتلون انفسهم وكذلك الاشخاص القابضون على زمام السلطة منتمين الى الدولة نفسها، واحياناً الى المجموعة الاثنية او القومية نفسها (مثلاً، الحرب الاهلية في الصين، 1927-1936، السيطرة على الحكم  في كوبا من طرف جماعة فيدل كاسترو في 1958، حرب العناصر الكونتراس في نيكاراغوا في 80-1989، وما شابه ذلك.  في حالات معينة تختلط حرب العصابات، من هذا النوع أو غيره، بتدخل دولي ( مثلاً ، حرب الفيتنام، 1965-1973) حرب افغانيستان 1979-1988، وما شابه ذلك).

حقيقة أن حرب العصابات هي حرب في كل شيء وان مقاتلي العصابات يوجهون عملياتهم ضد خصم ذي مقدرة دفاعية تستجوب تنظيماً مهماً لقوات العصابات.  ولذا فان احدى الخصائص المركزية لمنظمة العصابات تتمثل في مبناه التراتبي وشبه العسكري.  ويستوجب هذا الامر سلسلة قيادة واضحة وتنظيم وملاءمة العمليات مع الغايات الاستراتيجية للقتال، كما يستوجب جهازاً لوجستياً متشعباً للغاية يضمن للمقاتلين معلومات استخبارية وأجهزة ومعدات ووسائل تزويد ومسالك هروب ولجوء تمكنهم التملص من الاتصال المباشر مع قوات كبيرة للعدو.  ولهذه الغاية ثمة اعتماد هام على خطوط طوبوغرافية وكذلك على جماهير محلية مناصرة.

هنالك تقسيم اخر لحرب العصابات، هو التقسيم بين حرب عصابات ريفية وحرب عصابات مدينية. حرب العصابات الريفية هي لاصيغة "الكلاسيكية" و "الطاهرة" لشكل القتال هذا. وهي تقسم بمواجهات محدودة بين قوات العصابات والقوات النظامية خارج تجمعات السكان. وهنالك، في مقابلها، حرب العصابات المدينية وهو مصطلح تم تطويره من قبل اناس مثل ابراهام غيلان وكارلوس ماريغالا(12). حرب العصابات المدينية اقرب الى مصطلح الارهاب حسبما سيوضح في سياق لاحق، سواء من ناحية نمط النشاط او من الناحية المنظومة اللوجستية الواقفة خلفها. بصورة اساسية فأن حرب العصابات المدينية توجب نشاطاً عنيفاً داخل تجمعات السكان في المدن. وهنا يبدو الفصل بين المس بسلطات الحكم ورموزه وبين المس بابرياء عائماً اكثر مما في حرب العصابات الريفية. كما ان المبنى التنظيمي لجماعات حرب العصابات في المدن اكثر وهناً ومبني على خلايا سرية ذات صلة ضعيفة بين بعضها البعض وحيال تراتبية القيادة والجبهة اللوجستية الداخلية. رغم ذلك فأن الكثير من المفكرين والمنظرين الذين شدوا على اهمية حرب العصابات، خصوصاً في ظروف ثورية، عارضوا اللجوء النموذجي الى الارهاب حتى في سياق حرب عصابات مدينية(13).