دفعت إسرائيل حملتها على النائب العربي المستقيل من الكنيست عزمي بشارة، وتاليا على الجمهور العربي في اراضي فلسطين الـ48 أمس، الى الحد الاقصى، عندما وجهت اليه اتهامات عقوبتها السجن المؤبد او حتى الاعدام، بينها «التجسس» و«الخيانة» بحجة انه زود «حزب الله» خلال الحرب على لبنان الصيف الماضي، معلومات وإحداثيات عسكرية تسبب «ضررا استراتيجيا» بالدولة العبرية.
وبعد رفع أمر منع النشر عن القضية امس، قال بشارة لوكالة «اسوشييتد برس» من الاردن «من الواضح للغاية انهم ينفذون مؤامرة» مضيفا «انها علامة كلاسيكية حول اسلوب عمل الجهاز الامني في اسرائيل حين يستهدفون شخصا لأسباب سياسية».
وتابع انه تحدث مع «اصدقاء» خلال الحرب، وشاركهم فقط معلومات اشارت اليها وسائل الاعلام الإسرائيلية. وتساءل «عما اذا كان ما قيل في الاعلام وتم تكراره في احاديث هاتفية مع أصدقاء، يشكل نقل معلومات (الى العدو) الآن؟» معتبرا الاتهامات المالية «كذبة».
وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد ان «الشكوك الرئيسية تتركز على الصلات المباشرة مع حزب الله التي تتضمن تقديم المشورة لهم بكيفية التسبب بضرر استراتيجي لإسرائيل» مضيفا «اننا نتحدث عن جرائم خطيرة ارتكبت خلال اوقات حساسة ـ خلال الحرب في لبنان». وتابع ان بشارة سيواجه عقوبة السجن المؤبد بتهمة «الخيانة» في حال عودته الى اسرائيل، وربما الاعدام اذا تمت «ادانته». ومنذ قيامها في العام ,1948 نفذت اسرائيل حكم الاعدام مرة واحدة، بحق مجرم الحرب النازي ادولف ايخمان، في العام .1962 اضاف روزنفيلد انه يشتبه في ان بشارة قدم ايضا نصائح الى «حزب الله» حول تأثير شنه هجمات صاروخية محتملة في العمق الاسرائيلي، وطبيعة رد الدولة العبرية في حال حصول ذلك. وتابع ان ثمة اشتباها في ان بشارة ساعد «حزب الله» على صعيد «الحرب النفسية» والرسالة التي ينبغي توجيهها الى الرأي العام الاسرائيلي والعربي خلال الحرب. كما اتهم بشارة ايضا بتزويد «حزب الله» معلومات عن الجيش الاسرائيلي «كان يعلم انها سرية».
وأشار روزنفيلد الى ان الشرطة تشتبه في ان بشارة تلقى «مئات آلاف الدولارات» من «حزب الله»، في مقابل هذه المعلومات. وذكر ان هذه المبالغ، التي لم يعلن عنها بشارة، وصلت الى الاردن ثم تسلمها بشارة من ثلاثة صرافين فلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، اعتقلتهم الشرطة الاسرائيلية واستجوبتهم. وأعلنت الشرطة أن بشارة استخدم شيفرة عندما كان يتحدث مع الصرافين الذين سلموه مبلغ 50 ألف دولار في كل لقاء. وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» ان بشارة أخفق، خلال التحقيق معه، في شرح سبب تلقيه تلك المبالغ.
وذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت»، من جهتها، ان الاموال التي تلقاها بشارة حولت عبر لبنان وسوريا، موضحة ان احد الصرافين الثلاثة قد يصبح شاهد دولة.
والاتهامات الموجهة الى بشارة أربعة هي: تقديم مساعدة للعدو خلال الحرب، الاتصال بعميل أجنبي، إعطاء معلومات للعدو، تبييض أموال ومخالفة قانون تمويل الإرهاب.
وأوضحت الشرطة ان «الاشتباه» ببشارة بدأ قبل سنة على الاقل، أي قبل اندلاع الحرب على لبنان، ما دفع الشرطة وجهاز الامن الداخلي (الشاباك) للتوجه إلى المستشار القضائي للحكومة مناحيم مزوز، فتم استصدار أمر من المحكمة العليا الإسرائيلية بالتنصت على هاتف بشارة وكان يتم تجديد هذا الأمر كل ثلاثة شهور. وذكرت الشرطة أن تسجيلات لمحادثات هاتفية لبشارة هي الجزء المركزي لـ«الأدلة» ضده.
وقال مسؤول في «الشاباك» إن بشارة أقام علاقة سرية ومتواصلة مع أشخاص في «حزب الله» كانوا يجمعون معلومات حول إسرائيل، مضيفا أنه مرر إليهم «معلومات وتقديرات وتوصيات» خلال الحرب. واتهم «الشاباك» بشارة بأنه أقام علاقة متواصلة وطويلة مع أشخاص من «حزب الله»، طلبوا منه تنفيذ «مهام» لاستيضاح معلومات وقد نفذ تلك «المهام».
وأشارت الاتهامات الى أن بشارة تحدث مع «حزب الله» حول الأهداف الممكنة لإطلاق الصواريخ وساعد في توجيهها، كما قدم المشورة لتعميق الضربات على إسرائيل خلال الحرب، ونقل للحزب معلومات عسكرية كان قد منع نشرها من قبل الرقابة العسكرية.
ولفت «الشاباك» الى أن بشارة قدم النصائح لحزب الله بشأن زيادة مدى الصواريخ والإمكانات المحتملة للرد الإسرائيلي، في حال أطلقت الصواريخ إلى ما بعد حيفا. وهنا افاد «الشاباك» أن «حزب الله» تردد في تلك الفترة بهذا الصدد، مشيرا الى أنه تم، بعد أيام، إطلاق صواريخ جنوبي حيفا للمرة الأولى. وأعلن «الشاباك» أن بشارة مرر معلومات للحزب بشأن عزم إسرائيل اغتيال الأمين العام حزب الله حسن نصر الله.
كذلك «تشتبه» إسرائيل في أن بشارة أقام علاقة مع جهات استخباراتية أخرى غير «حزب الله»، لكن المحققين رفضوا إعطاء تفاصيل عن الدولة أو الدول التي يقصدونها.
وقال رئيس «وحدة الجرائم الدولية الخطيرة» في الشرطة الاسرائيلية اميشاي شاي ان التحقيق لم يكتمل بعد، مضيفا ان الشرطة تنصتت على هاتف بشارة، وراقبت انشطته ايضا. وتابع ان «العدو اعتبر عزمي بشارة شخصية يمكن الاعتماد عليها، في مساعدته فهم الواقع الإسرائيلي والارتقاء بمصالح العدو».
وأفاد شاي ان الصرافين الثلاثة في القدس الشرقية المتهمين بإيصال الاموال الى بشارة، اعترفوا بفعلتهم، مشيرا الى ان مصدر المبالغ المالية التي وصلت عبر الاردن، غير معروف.
(«السفير»، أ ف ب، أب، رويترز، يو بي آي، «عرب 48»)
عُرِف عزمي بشارة بإنتاجه الفكري الغزير وأبحاثه المرجعية في مجالات المجتمع المدني، ونظريات القومية وما أسماه "المسألة العربية"، والدّين والعلمانية