مقدمة:
الدكتور خالد الناصر هو مناضل ناصري من مدينة حلب، وكان من ابرز قادة تنظيم الطليعة العربية السري داخل حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، وقد احتل مع عدد من رفاقه مواقع قيادية في الحزب ولاسيما في اللجنة المركزية تمكنوا من إرغام جمال الأتاسي على الانسحاب من الجبهة الوطنية التقدمية، وانكشف تنظيمهم الذي كان يعمل في الساحة السورية تحت اسم التنظيم الشعبي الناصري. ودخل في صراع مع الأمين العام للحزب رجاء الناصر، تبودلت فيه الاتهامات. وقد اندمج رجاء الناصر لاحقًا في حزب الاتحاد بينما تولى خالد الناصر الأمانة العامة. وهو الآن الأمين العام للتيار الشعبي الحر المندمج في الثورة بشكل كامل.
....
لقد تمت دعوتي أخيرا لحضور مؤتمرا عقده العديد من الإخوة السوريين من التيار القومي الناصري في القاهرة (وقد تعذر عليا الحضور) بحضور شخصيات من خارج سورية ومن داخلها وشارك البعض الأخر عبر السكايب لتعذر حضورهم ولحمايتهم من تتبعات النظام الذي يرصد حركة سفر الآلاف من الناشطين في الحراك الثوري في الداخل كان هدف هذا المؤتمر وضع خطة عمل للناصريين السوريين الذي يعتقد البعض بأنهم موالين للنظام بحكم ادعائه انه عروبي وقومي ولكن الناصريين السوريين أكدوا في مؤتمرهم التأسيسي للتيار الشعبي الحر والذي انتخب الأخ خالد الناصر المفكر القومي المعروف أمين عام له بأنهم ينحازون بالمطلق لثورة شعبهم وأنهم منخرطين في فعاليات هذه الثورة وبعد انتهاء المؤتمر التأسيسي لهذا التيار تواصلت مع الأخ خالد الناصر وطرحت عليه مجموعة من الأسئلة عبر النات وقد أجابني عنها مشكورا وها أن انقل إليكم هذا الحوار المطول من اجل إلقاء الضوء حول الثورة السورية التي دخلت عامها الثاني ولا احد يعلم متي ستنتهي فصولها وكم من الشهداء يجب أن يدفع الشعب السوري لينعم بالحرية والسلام والديمقراطية والدولة المدنية.
سؤال1:
إن المرحلة التي تمر بها امتنا العربية مرحلة مفصلية وهي تمر في صراعات متشعبة تترك أثارها لدي كل الأنظمة العربية والإقليمية والقوى العربية بمختلف تياراتها واتجاهاتها. لقد جاء ما يطلق عليه الربيع العربي ليؤكد أن الأمة العربية تعيش مشكلة مع أنظمتها حتى وفي داخل قواها الفكرية وسياسية. هذه المشاكل التي ظهرت على السطح كانت عاملا في إلقاء نظرة دقيقة على الفكر والسياسية والتاريخ والمستقبل. ولكن الذي يهمنا هنا كتيار ناصري وما نسعى تحديده هو أين نقف وماذا نريد وكيف. وهل يمكن أن يملك التيار الناصري رؤية واحدة ومتكاملة للأحداث ؟ من اجل إلقاء بعض من الضوء على كل ذلك نشكر الأخ د. خالد الناصر أمين عام التيار الشعبي الحر على تلبيته الدعوة للحوار حول ما يمر به الوطن العربي من حراك وخاصة على الساحة السورية.
جواب1:
سعدت كثيراً باهتمامكم وحرصكم على استجلاء حقيقة ما يحدث في سورية باعتباره جزءاً من ظاهرة الحراك الثوري الذي يجتاح المنطقة العربية منذ انفجر بركان الغضب الشعبي في تونس قبل عام وبضعة أشهر وأطاح بعدة أنظمة عربية متسلطة ويوشك أن يطيح ببعضها الآخر ويتصاعد في بعضها الآخر منذراً باستكمال ركب التغيير في كل المنطقة. ولاشك أن هذا البركان تعتمل أسبابه منذ أمد طويل يمتد منذ لحظة الانقلاب على الثورة العربية في مصر عام 1970 وقبلها هزيمة حزيران 1967 التي كشفت الاختلالات الكبيرة في بنيان النظام العربي بأسره . منذ ذلك الوقت والنظام العربي يقع تحت هيمنة أنظمة مستبدة فاسدة قامعة لشعوبها مرتهنة للإرادات الدولية التي تتلاعب بالمنطقة.
وبالطبع فإن لسورية وضعاً خاصاً ضمن كل ما يحدث يؤدي إلى البلبلة الحاصلة في موقف الحركة القومية العربية نظراً إلى موقع سورية الحساس في المنطقة ودورها - كدولة بغض النظر عن نظامها - في النضال القومي والصراع مع العدو الصهيوني ، ونظراً إلى تحالفات النظام الراهن فيها مع بعض قوى المقاومة العربية في المنطقة كحزب الله وحركة حماس والجهاد وغيرها ورفعه لشعار الممانعة مما أدى ببعض القوى القومية - إما عن قراءة سطحية أو عن ارتباط مصالح مع النظام السوري الحالي - إلى الوقوف ضد الثورة في سورية متناقضين بذلك مع الموقف المبدأي لثورة الأمة في باقي أقطارها.
ولجلاء هذا الالتباس كان على هذه القوى أننا كناصريين ملتزمين بأن ( الشعب هو القائد والشعب هو المعلم ) وأن حرية الوطن لا تستوي بدون حرية المواطن ، وأن مقاومة العدو غير ممكنة بدون شعب حر وجبهة داخلية صلبة تعكس الإرادة الشعبية . وليس خافياً على أحد أن الوضع في سوريا ومنذ ما يقارب نصف القرن لا يعكس هذه الحقائق ؛ حيث بدأ هذا النظام باستيلاء حزب البعث على السلطة وإقصائه كل القوى الأخرى ونكوصه عن هدف إسقاط الانفصال الذي كان شعار حركة 8 آذار 1963 والوقائع التي تلت معروفة للجميع ولا أجد داعياً لاستعادتها ، بل إن الإقصاء شمل أجنحة البعث المتصارعة واستقر الأمر لحكم عائلة الأسد التي أفرغت حتى دور الحزب وأبادت كل القوى السياسية في المجتمع وبسطت سيطرتها عبر أجهزة أمنية أصبحت هي عصب الدولة ويدها الباطشة ، وحولت البلد إلى مزرعة لأفرادها ومنتفعيها كل ذلك تحت ذات الشعارات القومية التي تشوهت مدلولاتها لدى جماهير الشعب ووصلت إلى حد الكفر بها.
أما عن حكاية المقاومة والممانعة ومواجهة إسرائيل وأمريكا فهي أمور استخمت أوراقاً في صراع النظام للبقاء وديمومة سيطرته على مقدرات سورية، ويكفي أن نذكر بأمثلة صارخة منها سلوكه في لبنان بحسب ما يخدم مصلحته فهو تارة يتدخل لصالح الكتائب والقوى الانعزالية ضد الحركة الوطنية كما حدث في تل الزعتر عام 1976 وتارة هو مع المقاومة وحليف لحزب الله ، وكذلك نجده يتزعم جبهة للصمود والتصدي ثم ينضوي تحت التحالف الدولي الذي غزا العراق عام 1990 ويرسل قواته لتكون تحت إمرة الجنرال شوارتزكوبف الأمريكي التي ( حررت الكويت ) !.. وهو الذي ينادي بمواجهة إسرائيل ويدعي دعم حركات المقاومة الفلسطينية بينما لا يطلق طلقة واحدة على جبهة أرض سورية المحتلة في الجولان ، بل ويتفاوض مباشرة أو غير مباشرة مع اسرائيل.
وعلى كل الأحوال فإن الاستبداد والفساد والقمع لا يمكن لأي شعب أن يرتضي بها تحت أي شعار فكيف إذا كان ذلك مجرد ادعاء ووسيلة للحفاظ على الحكم ليس إلا !..
أردت بهذه المقدمة أن تكون أرضية للانطلاق في الإجابة على الأسئلة التي وجهتموها لي وسأتناولها واحدة تلو الأخرى.
س2:
- ما هو وضع التيار الناصري في سوريا وما هو موقفه مما يحدث هناك وبالذات من النظام ؟؟؟
- الموقف الناصري من المعارضة السورية في الخارج التي يتزعمها د. غليون
- الموقف الناصري من الجيش الحر وتركيبته الطائفية والدعم الذي يتلقاه من بعض الأنظمة العربية
-كيف ترون الخروج من هذه لازمة في سوريا بأقل الخسائر ؟؟
- ما هو تأثير الوضع السوري الحالي على القضية الفلسطينية؟
-هل تتوقع إذا ما سقط النظام السوري ان يسيطر الإخوان المسلمون على سوريا ؟؟؟
-هل ترى بالافق بوادر فتنة طائفية في سوريا يقودها النظام الفارسي والسعودي ؟؟؟
ج 2:
الناصريون كانوا في طليعة الانتفاضة حين انطلاقتها وفي مناطقها الأولى والرئيسية مثل درعا ودوما وباقي ريف دمشق وفي حمص وإدلب . أما عن موقفهم من النظام فهم كلهم في مواجهته وهذا ليس موقفاً مستجداً فهم كانوا في معارضته حتى قبل الثورة وبعضهم قضى سنوات طوال في سجونه كما هو معلوم .
- المعيار في موقفنا من فصائل المعارضة سواء في الداخل أو الخارج هو التزامهم بمطالب الحراك الثوري المتلخصة بإسقاط النظام الراهن كليةً وعدم الانضواء ضمن أجندات أجنبية تمس باستقلال سورية أو تؤدي للتفريط باستعادة أراضينا المحتلة .
- الموقف الناصري من الجيش الحر وتركيبته الطائفية والدعم الذي يتلقاه من الأنظمة الرجعية المنبطحة>
- موضوع الجيش الحر موضوع مركب وليس كما يوحي به السؤال ؛ فظاهرة الضباط والجنود الذين يرفضون إطلاق النار على إخوتهم المتظاهرين وينشقون بالتالي عن جيش النظام هي ظاهرة نبيلة والمنشقون هم قوى تنضم إلى الثورة وتساهم في حمايتها ومقاومة النظام الذي لم يتورع عن قتل الناس وترويعهم مستخدماً أبشع الأساليب وأحطها ، ولقد برزت هذه الظاهرة عندما زج النظام بالجيش السوري في مواجهة الشعب . أما عن الشق الطائفي فلم يطرحه المنشقون وإنما كونهم في الغالبية العظمى من المكون السني فهذا عائد إلى طبيعة النظام الطائفية ، وللعلم أن هناك انشقاقات ولو بدرجة أقل بكثير من قبل ضباط وجنود من الطوائف الأخرى بما فيها الطائفة التي يرتكز عليها النظام . أما عن قصة الدعم من ما وصفته بالدول الرجعية فهو دعم لفظي لفض العتب وللعلم فإن هذه الدول في حقيقة الأمر لا تريد انتصار الثورة حتى لا تمتد النار إليها . يظل هناك أمر مفهوم وهي أن بعض الدول وحتى القوى السياسية تريد استغلال هذه الظاهرة لأمور مفهومة.
- للأسف لابد من الخسائر ، وليس بالإمكان التحكم فيها لأن هذا مرهون بإصرار النظام على رفضه الرحيل وكذلك على تدخلات القوى الدولية وأجندات بعض قوى المعارضة ، ولكن وعي الشعب ووعي القوى الثورية الحقيقية يقلل من هذه الخسائر ، وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أن موقف بعض القوى القومية والعربية الداعم للنظام سيزيد من عناده وإطالة عمره وبالتالي زيادة هذه الخسائر.
- السؤال الذي يغالط فيه الجميع هو : ماذا قدم هذا النظام للقضية الفلسطينية ؟.. وهل الاحتضان الشكلي لبعض القوى الفلسطينية واستخدامها كورفة مساومة في يده هو نصرة حقيقية لها ؟.. إن استعادة الشعب في سورية لقراره هو المدخل الحقيقي لموقف جاد وفعال في نصرة القضية الفلسطينية وكل قضايا النضال العربي .
- الإخوان داخل سوريا قوة ضعيفة ، وهذه حقيقة يجب أن يعرفها الجميع والنفحة الإيمانية المتبدية في الثورة السورية هي تعبير عن إسلام مجتمعي وليس عن انتماء سياسي . ولكن موقف القوى القومية خارج سوريا واصطفافها مع النظام يؤدي إلى تشويه موقف العروبيين داخل الثورة ولدى الشعب ويزيد من رصيد الإخوان كقوة واضحة في الصراع الدائر ، فإن كان ثمة من يتخوف من احتمال استلام الإخوان فعليه أن لا يساعد بموقفه ذاك في الصب في هذه الطاحونة . من جهة أخرى لا يمكن الوقوف سلباً ضد إرادة الشعب بحجة أن هذا قد يؤدي إلى فوز الإخوان لاحقاً فالموقف المبدأي هو ليس تفصيل النظام الديموقراطي بحسب مصلحتنا فقط وإنما القبول بإرادة الشعب في انتخاب القوى التي يراها أصلح لهذه المرحلة أو يريد تجريبها بعد أن ذاق الأمرين من غيرها ممن تشدقوا طويلاً بأهدافه وادعوا تمثيل مصالحه !..
- الحقيقة الأساسية في هذا الصدد أن النظام الراهن في سورية هو الساعي الأكبر لهذه الفتنة الطائقية وهو يرى فيها إحدى أهم خشبات الإنقاذ من انهياره ، أما عن دور ايران والسعودية وغيرهما من القوى الخارجية فهو مفهوم بسبب الطبيعة المذهبية لكلا النظامين والأهم من ذلك المصالح التي يريدون تحقيقها من وراء ذلك السعي.
س3:
- هل يمكن ان يعطينا الأخ خالد رأيا قاطعا فيما يخص التدخل الأجنبي والطائفية والموقف من دول الرجعية العربية.
- اين هو تكتل الناصريين في سوريا عامة وفي المعارضة على وجه الخصوص وهل يوجد ناصريين في سوريا داعمين للنظام.
-هل يطالب التيار الشعبي الحر اسقاط النظام او مستعد للحوار معه.
-اين يقف التيارالشعببي الحر من هييئة التنسيق الوطنية.
-. لماذا غاب التأكيد على عروبة سوريا>
ج3:
- نحن ضد التدخل الأجنبي العسكري وغير العسكري الذي يمس استقلال البلد أو يفقدها السيادة الوطنية ، ما عدا ذلك نحن نرحب بل نسعى إلى حشد كل الجهود الدولية والإقليمية والعربية لحماية شعبنا من جرائم هذا النظام ومساعدة ثورتنا للخلاص منه . ونحن بالطبع حريصون على الوحدة الوطنية وعلى وحدة أراضي سورية ولسنا نحن من يسأل عن الموقف من الطائفية لأن النظام هو الذي يستخدم الطائفية كسلاح يحتمي به من ثورة الشعب . أما عن دول الرجعية العربية فنحن قوى ثورية تؤمن بمشروع الوحدة العربية ولا نقبل أي تشكيك في هويتنا ولكن المعركة التي نخوضها ليست في هذا الميدان وإنما محددة مرحلياً بإسقاط هذا النظام الفاشي .
- التيار الشعبي الحر يطمح لأن يكون هو الوعاء الرئيسي للتيار العروبي في سوريا وفي مقدمتهم الناصريون وهو الآن يضم غالبية الناصريين في المعارضة السورية بينما يظل جزء منهم ضمن هيئة التنسيق من خلال من بقي مع القيادة التقليدية لحزب الاتحاد الاشتراكي . أما مع السلطة فلا يوجد ناصريون اللهم إلا من هم في أحزاب الجبهة الوطنية التقليدية وهم ملفوظون أصلاً من جماهير الحركة الناصرية ، أو بضعة أفراد هامشيين يتأرجحون في مواقفهم لدوافع شتى تبدأ من الخوف وتصل إلى المصالح .
- التيار ملتزم بإرادة الحراك الشعبي التي تطالب بكل وضوح بإسقاط النظام بكامل رموزه ومرتكزاته ولا تقبل أي حوار معه اللهم إلا التفاوض على رحيله وتسليم السلطة .
- كثير من قيادات التيار كانت قيادات في هيئة التنسيق الوطنية وخرجت منها لأنها تخلفت عن نبض الثورة ولم تملك الإيمان الحقيقي بانتصارها ولذلك جنحت إلى حلول وسطى تمد في عمر النظام الحالي أو تشكل له مخرجاً من أزمته بما لا يرضي الإرادة الشعبية ، إضافة إلى أنها أختطفت تقريباً من قبل قوى غير قومية خلافاً لكون عماد هذه الهيئة كان من الناصريين أصلاً . ومع ذلك فإن التيار لا يناصب الهيئة ولا غيرها العداء وههو مستعد للتعاون معها ومع غيرها في إطار مطالب الشعب في سورية والمتمثل راهناً بإسقاط هذا النظام الفاسد المستبد .
- لم يغب التأكيد على هوية هذا التيار وانتمائه العربي سواء في كلمة افتتاح المؤتمر التأسيسي للتيار ولا في بيانه الختامي ولا في وثيقته السياسية التي ستصدر قريباً ، وعروبة سورية ليست محل مساومة أبداً .
س4:
ـ رفع شعار (( المقاومة الشعبية طريقنا الى النصر ) وهذا الشعار كما فهمت من بيانكم يسعى الى عسكرة المعارضة أضافة الى طرحكم حماية المدنيين ، وهو متناسق مع الشعار السابق ولكن بأيدي أجنبية .
- التأكيد على الجيش السوري الحر رغم أن تنظيمات عسكرية كثيرة ظهرت على الساحة السورية تحمل السلاح وهو ما يثير لغطاً حول أرتباطات هذا الجيش الخارجية وطرق تمويله وتسليحه والقوى المسيطرة عليه.
ـ أن تشبيه النظام والجيش الوطني بأنه قوة أحتلال لا يفيد سياسيا خاصة أن الجيش الوطني أغلبه مهني ومكون من كل مكونات الشعب.
-أن تغيير النظام واجب وطني إضافة إلى أنه قومي لكن وفق سلمية الحراك ورفض التدخل الأجنبي وأجراء الحوار .
ج4:
- شعار المقاومة الشعبية لا يعني أبداً عسكرة الثورة وإنما مقاومة هذا النظام الفاشي بكل الوسائل المتاحة لشعبنا وفي طليعتها الوسائل السلمية التي هي الطابع العام وبما فيها وسائل الدفاع عن النفس ومشاركة القوى العسكرية التي تنضم للثورة في ذلك ، وهذا يصب في مفهوم حماية المدنيين ، ولكننا نسعى أيضاً إلى حمايتهم بكل الوسائل التي يتيحها القانون الإنساني الدولي.
- الجيش الحر هو التسمية العامة لكل التنظيمات العسكرية التي انشقت عن النظام وانضمت إلى الثورة ونحن نسعى إلى تنظيمها ووضعها ضمن الدور المطلوب في حماية الثورة والدفاع عن المدنيين ، وعكس كل ما يقال لا يوجد أي تسليح بل إننا نسعى إلى تحقيق ذلك في إطار مهامه المحددة.
- أولا النظام الحالي في سوريا هو نظام ديكتاتوري فاسد وطائفي وأبعد ما يكون عن الوطنية وليس مقبولاً لمثل هذه المغالطات أن تستمر . أما عن الجيش الحالي فهو بكل موضوعية لا يمكن وصفه بالوطنية بأي حال لأنه بني بالأصل في بداية حكم البعث على أساس أن يكون جيشاً عقائدياً أي أن يكون جيش البعث وليس جيش الوطن ومعلوم للجميع أن الدخول إلى سلكه العامل كان مقصوراً على المنتمين للحزب ، وبعد أن تم اختطاف الدولة من الحزب أيضاً لصالح عائلة الأسد وتحول الحزب أيضاً إلى إطار أمني تحول الجيش أيضاً من العقائدية إلى مهمة حماية نظام العائلة المالكة التي تحكم سورية بكل الوسائل ولعل ما يتم اقترافه عبر أكثر من أربعة عشر شهراً يؤكد هذه الحقيقة ، ولست أدري أي صفة ممكن إطلاقها على من يحتل المدن ويقصف الأحياء السكنية على رؤوس ساكنيها ويقتل الناس ويغتصب الناس ويرتكب من الفظائع ما لم ترتكبه قوى الاحتلال الأجنبية ؟!..
- نحن أيضاً مع كل هذا الكلام ولكن السؤال من الذي يتحمل المسؤولية عن وصول الأمور إلى ما وصلت إليه ، وكيف يمكن حوار من يقتلك ، وهل عليك أن تستسلم له يفتك بك دون أن تصرخ أو تبذل كل ما بوسعك للحصول على حريتك وإنسانيتك في وجه من يرفض الاعتراف بأي حق لك ؟!..
س5:
- ما سبب تناسل التيارات المعترضة المناوئة للنظام خارج سوريا، إن كان إنشاؤها ممكناً داخل القطر العربي السوري، مع صعوبة تحركها ؟
- ما مبرر تشرذم الناصريين في تيارات متعددة متناقضة في الداخل والخارج ؟
- ما هي رؤية المعترضين عموماً في حالة انهيار النظام ؟ هل سيحصل كما نشاهده في مصر، بمعنى آخر، هل سنقبل سيطرة الإخوان والسلفيين والليبراليين والقوميين السوريين من جهة، وتقهقر أو تهميش الناصريين العروبيين، من جهة أخرى ؟
- هل يعتبر تياركم أن العلويين في سوريا هم سوريون عرب مسلمون، يحق لهم الوصول للسلطة عن طريق انتخابات نزيهة حرة، بعد أن يتغير النظام لحكم بسلوك (مدني غير عسكري) ولحكم بنهج (عَـلماني غير ديني) ؟
- هل تعملون على إسقاط النظام بأي وسيلة، أم تنتظرون إنهاكه كي ينهار ويسقط، دون إسقاط ؟
- ألا تخشون من جر الطائفة العلوية السورية العربية المسلمة للجوء إلى أعمال لا يُحمد عُقباها، إن تمّ إسقاط النظام بتدخل أو بممرات أو بمناطق عازلة ؟
- هل تعتقدون بمصداقية أن المظاهرات الحاشدة وحدها ستتمكن من إسقاط النظام ؟
- ألا تعولون على تغرة في النظام، تدفع بعض الضباط العلويين والسنة على حد سواء، للقيام بانقلاب عسكري يُبعد سوريا العربية عن خطر الصراع الداخلي ويضمن مصيرها ومستقبلها ؟
- إن وصلتم جميعاً للحكم، هل ستغيرون علم الوحدة بعلم الانفصال، وهل ستحذفون صفة العربية من تسمية جمهوريتنا، كما يُطالب الإخوة الأكراد وغيرهم ؟
ج5:
-من الطبيعي أن تكثر محاولات تأطير التيارات السياسية في سورية بعد عودة الحياة للسياسة فيها بعد أن انطلق الشعب في سورية من قمقمه والأكثر طبيعية أن يكون ذلك خارجها بالنظر إلى القمع الإجرامي الذي يمارسه النظام الراهن ، ولست أدري كيف يمكن تصور إنشاء تلك التيارات داخل الوطن إذا كان الانتماء إلى بعض هذه القوى عقوبته الإعدام بموجب القانون ؟!..
- الناصريون في سورية غير متشرذمين بالنسبة للموقف من النظام الحالي فهم في غالبيتهم الساحقة ضده ، وهم قد يختلفون في أسلوب مواجهته ومدى القطيعة مع كل رموزه كما أسلفت في إجابة سابقة ، وهم الآن في معظمهم مع موقف التيار الشعبي الحر .
- مرة أخرى فإن هؤلاء الذين يشير الأخ السائل إليهم هم معارضون وليس معترضين ، كذلك فإن الثورة لا يمكن رهنها باحتمال صعود تيار أو هبوط آخر لأنها اندفاع شعب نحو الحرية وليست القضية قبولنا بهذا الصعود أو تخوفنا من ذلك التقهقر وإنما القضية هي تقاعس التيار القومي وعدم تفاعله مع قضايا العصر المستجدة وتجمده عند قضايا وأساليب تجاوزها الزمن ، وها هو هذا الموقف السلبي تجاه ثورة الشعب في سورية يصب في طواحين تلك القوى التي يتخوف منها السائل ، والأخطر من هذا هو اتخاذ هذه المخاوف ذريعة لمساندة أنظمة فاسدة مستبدة وبالتالي الوقوف في صف أعداء الشعب الذي ثار عليها . كما أن مثل هذا الطرح يحمل في ثناياه عدم الثقة بالنفس واعتراف بالهامشية والانزواء وعدم القدرة على مواجهة التحديات . إن الشعب غير ملوم عندما يختار القوى الأخرى إذا كنا نحن لم نعد نستطيع إقناعه بجدارتنا بتمثيله .
- نحن من رواد المشروع الحضاري العربي الذي يحارب الطائفية ولا يؤمن بالدولة الدينية ويدعو إلى حكم ديموقراطي يقوم على حقوق المواطنة الكاملة لكل أفراد الشعب بغض النظر عن العرق أو الجنس أو المذهب أو الانتماء السياسي أو العقائدي .
- نحن نعمل على إسقاط النظام عبر مقاومة شعبنا وجهوده الذاتية بكل الوسائل الممكنة المتاحة له وبأسرع الطرق انطلاقاً من قناعتنا أن إطالة أمد الصراع تزيد من فرص التدخل الخارجي بما يتعارض مع مصالح الوطن والأمة .
- الثورة في سورية ليست ثورة طائفية وهي رفعت شعاراً أساسياً منذ البدء ولا تزال : ( الشعب السوري واحد ) ، ولا خوف في هذا المجال من أن سقوط النظام سيؤدي إلى حرب طائفية أو أهلية ؛ بل إن هذا قد يحدث لو استمر هذا النظام الذي يغذي كل هذه الصراعات والفتن محاولاً درء سقوطه المحتم .
- لو أتيح للشعب أن يعبر عن نفسه بمظاهرات حاشدة لسقط النظام منذ أمد بعيد كما حدث في تونس ومصر ، وهذه الحقيقة هي الرعب الأكبر لهذا النظام والمفسر للعنف والإجرام الجنوني الي يمارسه .
- نحن نعول على إرادة شعبنا وتصميمه على تحيق مطالبه العادلة أما احتمالات الانقلاب العسكري فهي ليست في حساباتنا وسيكون موقفنا من أي انقلاب يحصل على مدى انحيازه لثورة الشعب ومطالبها المعروفة .
- قضية العلم والتسمية هي قضايا يبت بها الشعب عندما ينال حريته وقدرته على تقرير مصيره دونما قمع أو قيود ونحن كلنا ثقة في شعب سورية الذي كان دوماً سباقاً في رفع راية العروبة والدفاع عن قضايا الأمة .
س6:
- السؤال الأهم من سواه أن الناس تعودوا من الدكتور خالد أن يدير حوارا واسعا قبل الخطوات الهامة ..فلماذا لم يفعل ذلك قبل انشاء التيار ؟
-الى أين برأيه تسير أمور المعارضة ، وكذلك الأوضاع في سوريا ..وشكرا لكم
ج 6:
- إن إنشاء التيار الشعبي الحر لم يكن خطوة من فراغ ، كما لم تكن قراراً فردياً وإنما حصيلة تراكمات طويلة وحوارات متعددة ومعاناة كبيرة لكوادر ونشطاء التيار العروبي ضمن الحراك الثوري وقد كانوا ضمن طلائعه الأولى والفاعلة فيه عندما وجدوا قياداتهم السياسية تبتعد وبتسارع كبير عن نبض الثورة وتتخلف عن مواكبة تطوراتها حتى وجدوا أنفسهم متحرجين من إعلان انتمائهم للتيار القومي ومتهمين في ولائهم للثورة ، ولقد جرت محاولات عديدة ومنذ انطلاق هيئة التنسيق الوطنية لردم هذه الهوة وإقناع تلك القيادات ترك ذلك النهج دون جدوى ، ولم يعد من مجال سوى البحث عن بديل يعيد التوازن إلى مكانة التيار العروبي ضمن الثورة في سورية ويضعه في مقدمتها كما يليق بمكانته وإسهامه فيها ، ولقد دار حوار أساسي بين صفوف الحراك في الداخل وساهم فيه بعض شخصيات التيار العروبي المنسجمة معه وكانت النتيجة انبثاق هذا التيار ليسد هذه الثغرة الكبيرة ضمن صفوف الثورة .
- أجزاء كبيرة من الإجابة على هذا السؤال تم تغطيته من خلال الأجوبة السابقة ، لكن إذا كان القصد هو الخوف من زيادة تشرذم المعارضة فالجواب هو ما قد أشرت إليه في مقابلة مع إحدى القنوات الفضائية وهو أن هذه الخطوة تساهم في تقريب وحدة المعارضة ولا تندرج تحت وصف الانشقاق لأنها تدخل ضمن إعادة إصطفاف قوى المعارضة إلى تيارات سياسية واضحة وليس تجمعات عشوائية وبذلك تسهل عملية الحوار فيما بينها وتتحقق الوحدة من خلال التنوع . أما عن الأوضاع في سورية ومساراتها فهي رهينة بانصياع النظام لإرادة الشعب وكذلك خروج المجتمع الدولي والإقليمي والعربي من موقف التفرج والتهرب الذي يمارسه حتى الآن وتحمل مسؤلياته في نجدة الشعب في سوريا ، إضافة إلى خروج المعارضة من ارتهاناتها الراهنة ضمن الصراع الدولي وتوحيد جهودها في دعم حراك الداخل وتصعيده لحسم المعركة داخلياً وبأقل التكاليف.
*اجري الحوار الدكتور الهادي غيلوفي: باحث في التاريخ (تونس)
عُرِف عزمي بشارة بإنتاجه الفكري الغزير وأبحاثه المرجعية في مجالات المجتمع المدني، ونظريات القومية وما أسماه "المسألة العربية"، والدّين والعلمانية