هجمة شرسة تتعرض لها الحريات الإعلامية في مصر، دفعت نقابة الصحافيين إلى دعوة رؤساء التحرير وكبار الكتّاب والمهتمين بالحريات الصحافية والإعلامية، لعقد اجتماع عاجل في مقر النقابة، الأربعاء المقبل، لبحث أوضاع المهنة على قواعد الحرية والمسؤولية في ظل الضربات التي تتعرض لها، بدءاً من القيود المفروضة على الحريات أو محاولة التدخل في عمل الإعلام، ومروراً بالمشهد الإعلامي الداخلي المأزوم الذي يعاني الفوضى والارتباك.
وأعلن وكيل نقابة الصحافيين، خالد ميري، أنّ القانون الموحد للصحافة والإعلام سيكون على رأس أولويات النقابة في الاجتماع المذكور، مشدداً على أن حرية الصحافة والإعلام حرية مسؤولة ولا بد من احترامها. وسيضم الاجتماع مجموعة من كبار الإعلاميين إلى جانب رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة رؤساء مجالس الإدارات.
ويأتي بيان نقابة الصحافيين بعد ثلاث حوادث شهدها الوسط الصحافي في مصر، خلال اليومين الماضيين، بعدما تم توقيف مؤسس صحيفة "المصري اليوم" صلاح دياب بتهمة "حيازة السلاح" واستدعاء الصحافي حسام بهجت، إلى المخابرات الحربية وإيقاف الإعلامية عزة الحناوي إثر "مهاجمتها" الرئيس السيسي وإحالتها على التحقيق، وفي ما يلي تفاصيل وحيثيات الأحداث الثلاثة.
*حسام بهجت
أعلنت رئيسة تحرير موقع "مدى مصر"، لينا عطالله، أن النيابة العسكرية قررت صباح اليوم الإثنين الاستمرار في حبس الصحافي حسام بهجت 4 أيام على ذمة التحقيق، فيما يواجه بهجت تهماً عديدة وهي "إذاعة أخبار كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة الوطنية" و"نشر معلومات تضرّ بالسلم العام".
وكان "مدى مصر" قد أعلن، أمس الأحد، أن الصحافي والناشط الحقوقي حسام بهجت نقل إلى النيابة العسكرية في مدينة نصر في القاهرة، بعدما ظل 8 ساعات داخل مبنى المخابرات الحربية من دون هاتفه ومن دون محامٍ برفقته، وذلك بناءً على استدعاء وصل إلى مقر إقامته الخميس الماضي.
وكشف المحامي نجاد البرعي، مدير المجموعة القانونية المتحدة، عن بعض تفاصيل التحقيق الذي أجرته النيابة العسكرية مع حسام بهجت. وقال البرعي، في تصريحات لجريدة "التحرير" المصرية إنّ وكيل النيابة وجّه إلى بهجت تهمتي إذاعة أخبار كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة الوطنية، ونشر معلومات تضر بالسلم العام، وإهانة القوات المسلحة، والواردة في المادتين 102 مكرر، و188 من قانون العقوبات.
وحول مصدره في كتابة التحقيق الصحافي المنشور في 13 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعنوان "تفاصيل المحاكمة العسكرية لضباط بالجيش بتهمة التخطيط لانقلاب.. قرار الاتهام وشهادات أسر المتهمين تكشف بعض جوانب المحاكمة الغامضة بتهمة التآمر مع الإخوان"، أكد حسام بهجت أن مصدره أوراق القضية نفسها، لأنه بات محكومًا فيها بالفعل، والاستعانة بأهالي المتهمين في القضية، وصفحات المتهمين في مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد مدير المجموعة القانونية المتحدة، أن التحقيق كان إيجابيًا، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن القرار غير متوقع.
وحسام بهجت يعمل صحافياً في موقع "مدى مصر"، وهو مؤسس واحدة من أهم المؤسسات الحقوقية "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، ويعدّ من أهم رواد الحركة الحقوقية في مصر، وأكثرهم تأثيراً وإلهاماً وشجاعة، فالمنظمة التي أسسها ساندت الفئات التي لم يتجرأ أحد على الدفاع عنها مثل المثليين والبهائيين وغيرهم، على ما أورد الكاتب المصري شادي لويس في صفحته في "فايسبوك".
وكان بهجت قد نشر عدداً من التحقيقات عن حسني مبارك ورموز نظامه وكذلك تسريبات "ويكيليكس" الخاصة بالمملكة العربية السعودية، لكن نشطاء مقربين من بهجت يميلون إلى فرضية القبض عليه بعد نشره للتحقيق الذي يحمل عنوان "تفاصيل المحاكمة العسكرية لضباط بالجيش بتهمة التخطيط لانقلاب"، وهو ما أكدته تصريحات المحامي نجاد البرعي لصحيفة "التحرير".
*عزة الحناوي
أبلغت الإعلامية عزة الحناوي، أمس الأحد، بإيقافها عن العمل بقرار صادر عن رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، عصام الأمير، إثر ما قالته على الهواء مباشرة خلال برنامج "أخبار القاهرة" الذي تقدمه على القناة الثالثة التابعة للتلفزيون المصري الرسمي، ما اعتبره الأمير "خروجاً عن السكريبت المكتوب لها".
وكانت الحناوي قد طالبت خلال حلقة سابقة بمحاسبة جميع المسؤولين عن الفساد في المحليات، بدءاً من أصغرهم وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وذلك خلال حديثها عن السيول التي اجتاحت محافظة الاسكندرية وبعض المحافظات الأخرى الأسبوع الماضي. وبحسب ما نقلت "المصري اليوم" عن مصادر داخل "ماسبيرو"، فقد كلّف عصام الأمير الشؤون القانونية باتحاد الإذاعة والتلفزيون بالتحقيق مع الحناوي، لـ"خروجها عن النص، وإبداء رأيها في برنامج خبري"، وهو ما اعتبره الأمير "خروجاً على الحيادية".
من جانبه، قال رئيس قطاع التلفزيون، مجدي لاشين، إن مذيعة القناة الثالثة عزة الحناوي تستحق العقاب لأنه يفترض بها أن تكون حيادية في موقفها بشأن الموضوعات والقضايا التي تطرحها على المشاهد. ودافع عن قرار إيقافها عن العمل على خلفية إبدائها رأيها في موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو الظروف القائمة، والذي وصفته الحناوي بأنه "لا يمتلك خطة ولا رؤية للتصرف هذه الأيام".
*صلاح دياب
اعتقلت الأجهزة الأمنية المصرية، أمس الأحد، رجل الأعمال ومؤسس صحيفة "المصري اليوم"، صلاح دياب، ونجله توفيق - العضو المنتدب للجريدة ورئيس مجلس إدارة شركة بيكو، في منزله بالتجمع الخامس، من دون الإفصاح، وقتها، عن السبب. غير أن "المصري اليوم" عادت وكشفت أن نيابة الجيزة بدأت التحقيق مع المهندس صلاح دياب في واقعة "حيازة سلاح". كما حققت مع نجله حول الواقعة عينها.
وقالت "المصري اليوم" إنّ صلاح دياب ونجله نفيا صحة حيازة أسلحة في منزليهما، فيما دفع فريق الدفاع بكيدية التهم وتلفيقها، مؤكداً أن تسريب صور للحظة إلقاء القبض على مؤسس "المصري اليوم" ونجله من منزليهما يُعد دليلًا على وجود نية مبيتة للتشهير بهما.
بموازاة ذلك، أصدر النائب العام المصري، المستشار نبيل صادق، قراراً مؤقتا بالتحفظ على الأموال الخاصة بصلاح دياب وزوجته وعدد من شركائه فى بعض الشركات. وحُدّدت للنظر فى قرار التحفظ، جلسة الثلاثاء المقبل، أمام الدائرة العاشرة بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حامد حسنين، التى تعقد جلساتها في التجمع الخامس فى القاهرة الجديدة. وقد صدر قرار التحفظ المؤقت على أموال دياب، استنادا إلى بلاغ كانت نيابة الأموال العامة قد تلقته العام 2011، وتمت إحالته إلى لجنة من الخبراء لفحصه، ولم تقدم اللجنة تقريرها حتى اليوم.
وعلى إثر الإعلان عن هذا القرار علقت "المصري اليوم" على هذا القرار قائلة "على الرغم من الصدمة التي أحدثها هذا الخبر في الأوساط المختلفة، وهي الصدمة التي ترجع أساسًا إلى توقيت صدور قرار التحفظ رغم أن الموضوع مطروح منذ 5 سنوات، فإن المصري اليوم تؤكد التزامها بعهدها الدائم مع القارئ الكريم، واستمرارها في أداء دورها المهني والوطني، عبر نشر الحقائق والمعلومات، وتقديم النقد البناء، احترامًا لحق القارئ في المعرفة، وحق الوطن في صحافة حرة".
من جهته، قال محمد السيد صالح، القائم بأعمال رئيس تحرير "المصري اليوم"، إن إيقاف مقالات جمال الجمل، جاء في نطاق "نقطة نظام" تعيد من خلالها الجريدة تقييم علاقاتها بالمصادر الصحافية ومؤسسات الدولة. علماً أن الكاتب الصحافي جمال الجمل كان قد أعلن في بيان أن صحيفة "المصري اليوم" أوقفت مقالاته منذ 9 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
وقال صالح في تصريح خاص للموقع الالكتروني "زحمة"، أن الجريدة تؤكد احترامها لمؤسسات الدولة وشخوصها، ولا تريد الدخول في معركة مع أحد، وتابع بأن "المصري اليوم" جريدة ليبرالية ولن تتخلى عن ليبراليتها، لكنها في الوقت ذاته ترى جيداً المعطيات السياسية وتعمل وفقاً لذلك، لافتاً إلى أن الجريدة قررت الاستغناء عن عدد من الكتّاب، وأن جمال الجمل وحده هو من قرر التحدث في هذا الموضوع. واعتبر صالح أن هذا الموقف "لا علاقة له بما حدث مع المهندس صلاح دياب" - مؤسس "المصري اليوم" الذي اعتقل أمس ووجهت له تهمة حيازة سلاح من دون ترخيص.
صحيفة المدن الالكترونية
عُرِف عزمي بشارة بإنتاجه الفكري الغزير وأبحاثه المرجعية في مجالات المجتمع المدني، ونظريات القومية وما أسماه "المسألة العربية"، والدّين والعلمانية